دعوني في ملتي واعتقادي
هل الدين أفيون الشعوب ؟!!
هل الإسلام دين جمود وتحجر ؟!!
هل فعلا الدين يخدر الفقراء ليناموا على ظلمهم و فقرهم في حين يثبت الأغنياء على غناهم ؟؟
أما بعد
خالد الصديق
ديننا في حقيقة الأمر أعباء وتكاليف وتبعات وبالتالي ليس مهربا من المسؤولية؛ فديننا عمل وليس كسل *وقل اعملوا فسيرى الله عملكم و رسوله و المومنون*
وديننا يقوم على التوكل لا التواكل؛ والتوكل يقتضي العزم واستنهاض الهمم وبدل الطاقة واستفراغ الوسع؛ ثم التسليم بعد دلك لقضاء الله وقدره أي العزم أولا
*اعقلها و توكل*فالدين إذن يقظة وانتباه وصحو ومحاسبة للنفس ومراقبة الضمير.
إنما الأفيون الحقيقي هو الذي اكله الماديون الذين أنكروا الدين هربا من التبعات و المسؤولية، وتصوروا أنه لا حسيب ولا رقيب ولا بعث بعد الموت؛ وشتان بين هذا و بين المسلم المتدين الذي يعتبر نفسه مسؤول عن سابع جار ويحاسب نفسه في كل فعل وفي كل كلمة.
ولم يأت الإسلام ليثبت ظلم الظالمين بل جاء ثورة صريحة على كل الظالمين وحربا على رقاب الطغاة والمستبدين .
اما من يحاول حجب نور الدين بالغربال ويتهمون الإسلام بأنه رجعي و طبقي بدليل الآيات : *والله فضل بعضكم على بعض في الرزق*
*ورفعنا بعضكم فوق بعض درجات*
فهي آيات نراها رأي العين في القاهرة ودمشق والرباط وتنطبق على لندن و باريس و موسكو !! فإذا مشينا في شوارع موسكو فسنجد من يسير على قدميه ومن يركب دراجة ومن يركب ليموزين فاخرة !
وماذا يكون هذا إلا تفاوت في الرزق وتفاضل في الدرجات والرتب الاجتماعية! فلم يستطع شرع من الشرائع ولا قانون من القوانين أن يلغي التفاوت ولم تستطع الشيوعية أن تلغي الدرجات والرتب في المعايش؛ فالمساوات هنا غير ممكنة و الناس يولدون من لحظة ميلادهم غير متساوون في الذكاء والقوى والجمال والمواهب... يولدون درجات في كل شيء
أما إلغاء الدرجات والتفاوت فهو الظلم بعينه !! وأقصى ما طمعت في المذاهب الوضعية هو المساواة في الفرص وليس المساواة بين الناس؛ وذلك بأن يلقي كل فرد نفس الفرص في التعليم والعلاج والحد الأدنى للمعيشة وهو نفس ما تدعو إليه الأديان. فالطبيعة تقوم كلها على أساس التفاضل و التفاوت و التنوع في ثمار الأرض و في البهائم و الناس.
ومع ذلك فإن الدين لم يسكت على هذا التفاوت بين الأغنياء والفقراء بل أمر بتصحيح الأوضاع وجعل للفقراء نصيب في مال الأغنياء؛ وذلك للمساواة بين الفرص.
واللذين يتهمون الإسلام بالرجعية السياسية فإن الإسلام أتى بأكثر الشرائع تقدماً في نظم الحكم؛
فاحترام الفرد في الإسلام بلغ الذروة وسبق ميثاق حقوق الإنسان و تفوق عليه، فالفرد في الإسلام له قيمة مطلقة بينما في كل المذاهب له قيمة نسبية .
فماذا يساوي الفرد الواحد في الإسلام ؟
إنه يساوي الإنسانية كلها !
*من قتل نفساً بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيى الناس جميعا*
ذروة في احترام الفرد لم يصل إليها مذهب سياسي قديم أو حديث .فما تساوي المنجزات والإصلاحات المادية والسدود إن قتل الحاكم فردا واحداً ظلما في سبيل هذا الإصلاح ؟!!.
والإسلام نهى عن عبادة الحاكم وتأليه العظيم من البشر
*لايتخدن بعضكم بعضا اربابا من دون الله*
*وقضى ربك ألا تعبدوا إلا اياه * .
ف بالمعنى العلمي كان الإسلام تركيبا جدليا جامعا بين مادية اليهودية و روحانية المسيحية؛ بين العدل الصارم الجاف الذي يقول :السن بالسن والعين بالعين .
وبين المحبة والتسامح المتطرف الذي يقول: والكاظمين الغيض والعافين عن الناس وإن كانت الرأسمالية أطلقت للفرد حرية الكسب إلى درجة الاستغلال فإن الإسلام قدم الحل الوسط، الفرد فيه حر في الكسب لكن ليس له أن يأخذ ثمرة أرباحه كلها إنما فيها نصيب يؤخد بالزكاة 5، 2 فالمئة جبرا وصولا الى 90 فالمئة اختيارا وهذا النصيب ليس تصدقا او تفضلا وإنما هو حق الله في الربح وبهذه المعادلة حفظ الإسلام للمرء حريته في الكسب وضمن للفقير حقه.
لقد اختار الإسلام الوسط والعدل في كل شيء وهو ليس الوسط الحسابي وإنما الوسط الجدلي أو التركيب الذي يجمع النقيضين -اليمين واليسار- ويتجاوزهما ويزيد عليهما؛ ولذلك ليس في الإسلام يسار و يمين وإنما صراط مستقيم؛ فلم يقيدنا الإسلام بدستور سياسي محدد أو منهج مفصل لعلم الله بأن الظروف تتغير وحتى يكون الباب مفتوح أمام المسلمين للأخد والعطاء من المعارف المتاحة في كل عصر دون انغلاق على دستور بعينه ولم يكبلنا بنظريات وهذا سر من إعجازه وتفوقه وهو ليس فقرا ولا نقصا منه؛ وتلك تقديمة أخرى من تقديمات القرآن التي سبقت كل التقديمات ؛ ومن يدعي ان الإسلام دين جمود و تحجر وعيش في خرافات الأولين فقد أخطأ الصواب ! فالإسلام لم يكن أبداً دين تجمد و تحجر وإنما كان دائما وابدأ دين تأمل ونظر وفكر وتطوير وتغيير بدليل آيات صريحة :
*قل سيروا في الأرض فانظروا كيف بدأ الخلق* .
*فلينظر الإنسان مما خلق* .
*أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت وإلى السماء كيف رفعت وإلى الجبال كيف نصبت وإلى الأرض كيف سطحت * .
أوامر صريحة للنظر والتأمل والسير في الأرض وجمع الشواهد واستنباط الأحكام والقوانين... ولا خوف من الخطأ !!!
فالإسلام يكافئ المجتهد المخطئ بأجر والمجتهد المصيب بأجرين؛ ويوم اتمرنا بهاته الآيات تخرج من بيننا :
ابن سينا في الطب
وابن رشد في الفلسفة
وابن الهيثم في الرياضيات
وابن نفيس في التشريح
وجابر بن حيان في الكمياء .....
*شهد الله انه لا إله إلا هو والملائكة وأولوا العلم*
واول كلمة في الإسلام كانت اقرأ لكن أمة إقرأ ل تقرأ !! .
والإسلام بريء من تهمة التحجير على الناس فكل شيء في ديننا يقبل التطوير ماعدا جوهر العقيدة و صلب الشريعة؛ فالله واحد لن يتطور الى اثنين أو ثلات وكذلك الشر شر والخير خير فلن يصبح القتل فضيلة ولا السرقة حسنة ولا الكذب حيلة... وفيما عدا دلك فالدين مفتوح للفكر والاجتهاد والإضافة والتطوير وجوهر الإسلام منطقي يقبل الجدل والحوار واستعمال المنطق
*أفلا يعقلون* *أفلا يفقهون* ؟؟
وأهل الدين عندنا هم أولوا الألباب.
ولم يكن الإسلام أبداً خانعا ولا سلبيا ف الجهاد بالنفس والمال والثبات ومواجهة اليأس والمصائب والمرابطة هي من صلب ديننا .
فكيف يكون دين بهذه المرونة والعقلانية والعلمية والإيجابية والثورة أن يتهم بالتحجر والجمود وأنه أفيون الشعوب ؟؟
أصحاب هاته الإتهامات أناس لهم عقول لا يفقهون بها فهم كالأنعام بل هم اضل . ً
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق